د. فايز الربيع
بداية أقول ان أي أردني في موقع قرار، يستطيع أن يؤدي خدمة لبلده، قد تفوق إمكانيات أعداد تريد أن تعد اياما وتأخذ راتبا وتتمتع بالامتيازات، وهكذا يبنى الوطن بالخدمة الصادقة سواء كان ذلك داخل الاردن أو خارجه، فالصورة النمطية للعمل الدبلوماسي الذى ينتظر التعليمات وقلّما تكون موجودة، سيكون أداؤه باهتاً حتى على مستوى خدمة المواطنين في الخارج وهذه سأتناولها في حلقات قادمة.
أعود للأحداث فقد بدأت الحرب، وكان نصيب المنطقة التى اسكنها صاروخ سكود، حيث تحطم زجاج المنزل وقد اتصل المرحوم أبو شاكر بعدها ليبلغني أن جلالة الملك يريد ان يطمئن عليك، فقلت انا بخير والحمد لله وأشار علّى ان كان هناك طابق أرضي أن انتقل للنوم فيه.
في عمان اجتمع جلالة الملك المرحوم الحسين مع حوالي ثمان وعشرين شخصية إعلامية وسياسية وأبادر إلى القول ان جميع الأجهزة والسياسيين في موقع القرار كانوا ضد ان نقف مع اليمن، وكانت العلّة أن لا نكرر تجربة العراق، كنت أرسلت تقريراً مطولاً لجلالته شرحت فيه كل الأبعاد السياسية والعسكرية والرؤى المستقبلية ونسّبت ان نأخذ موقفاً مع الوحدة - بغض النظر عن مواقف الدول العربية وقد تكّلم جلالته بحقّي كلاماً طيباً يذكره من حضر وبعضهم بل كثير منهم لازال على قيد الحياة - وإذا قرأوا المقال فسيذكرون ما اكتبه - وهكذا كان حيث ابلغ الجميع بمضمون ما كتبت وان موقف الأردن سيكون مع الوحدة، وتتخذ الإجراءات السياسية والإعلامية بناء على ذلك. بعدها أرسلت الخدمات الطبية وبناء على تعليمات جلالته طاقما طبيا من عشرين طبيبا وممرضا من مختلف التخصصات لعلاج الجرحى، وبغض النظر لأي جهة ينتمون بما انهم يمنيون، وكانوا برئاسة العميد في حينه نبيل بطارسة، وكان منهم ليث ابو نوار، وآخرون، زرتهم في ليلة وصولهم وكانوا يسكنون في دار للضيافة، لم يعجبني سكنهم فاتصلت مع الرئيس ونقلتهم الى فندق الشيراتون حيث اصبح مقر جميع الفرق الطبية التي جاءت بعدهم.
أصبحت السفارة الأردنية نقطة ارتكاز لكل السفارات حتى السفير الأميركي طلب موعداً لزيارتي، واتصل جلالته مع البيت الأبيض كي تؤمن لي حماية خاصة إضافة إلى الحماية التي أرسلها جلالته، فالفوضى في كل مكان والرصاص سيد الموقف، بدأت بإرسال التقارير بمعدل تقريرين احدهما صباحي والآخر مسائي يشملان كل ما يتعلق بالتطورات العسكرية والسياسية–كانت هناك مشكلة لدى الطيران الحربي اليمني ولا اريد ان أخوض في حيثياتها، وهاتفني الرئيس بشأنها وزارني في بيتي قائد سلاح الجو، أصبحت افكر في مشكلة الرعايا الأردنيين المنتشرين في اليمن وكيف يمكن مساعدتهم وهذا ما فعلته، وما سأتناوله في حلقة قادمة.